الأطر العليا المعطلة والحاجة إلى التنسيق
كتبها: سعيد الحاجي، عضو مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة
" الاتحاد قوة " لطالما يسمع أي كان بهذه المقولة وتمر مرور الكرام على آذاننا وحتى أذهاننا، لكننا لا نستطيع استيعاب معانيها وثقل دلالاتها إلا عندما تضعنا الظروف في مواقف تجعل التكتل وتوحيد الصفوف ورصها، هو السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف ونيل الحقوق التي تكون مغتصبة بفعل عوامل التشرذم والتفرقة.
هذا بالضبط ما ينطبق اليوم على مجموعات الأطر العليا المعطلة المرابطة بشوارع الرباط، والمستثناة من تسوية 2010 بصيغة مضمونها التفرقة والإقصاء وهضم حقوق المجموعات في الشارع لفائدة مجموعات أخرى أشباح يشوبها الكثير من الغموض رغم ما يقال عن أحقيتها وأقدميتها المزعومة.
اليوم أصبحت المجموعات المرابطة بالعاصمة أمام امتحان عسير وحقيقي، اختبار للمبدئية والاقتناع بالتضحية من أجل نيل الحق العادل والمشروع المتمثل في الإدماج الشامل والمباشر والفوري في الوظيفة العمومية وفقا للقرارات الوزارية ذات الصلة.
أصبحت المجموعات المعتصمة بالرباط اليوم، أمام خطر تفرقة جسيم قد يأتي على ما تبقى من تلك اللحمة التي تربط بين مكونات المجموعات سواء بين أطرها كأفراد أو بينها كمجموعات ساهمت نضالاتها واعتصاماتها المستمرة ومعاناة أطرها وأسرهم في تحقيق مكاسب يمكن اعتبارها لحد الآن متميزة وثمينة في ظل قوة وتسلط الدولة بمختلف وسائلها القمعية والاختراقية للمجموعات وكذلك تماطل سياسييها وتوظيف الملف في حسابات سياسوية ضيقة وصراعات حزبية مصلحية مستغلين الوضعية الاجتماعية الكارثية للمعطلين المعتصمين واللعب على حبل معاناتهم.
لكن كل هذه المكتسبات بقدر ما تحتاج إلى التثمين، فهي تحتاج إلى نقد ذاتي متجرد من الذاتية والمنفعية الخاصة والخلفيات الإيديولوجية لتحديد مكامن الخلل والضعف في المجموعات المرابطة بشوارع الرباط، خاصة وأن الدولة ما فتئت تعبئ كل وسائلها لبث التفرقة في صفوف المجموعات وإذكاء نار الصراع والفتنة بينها حتى تضعف نضالاتها وتسهل مأموريتها في الانقضاض على حق انتزعته الأطر العليا المعطلة بتراكمات نضالية منذ سنوات خلت.
لقد بات التفكير العاجل والجدي والواقعي في آليات للتنسيق بين مكونات الحركة الاحتجاجية للأطر العليا المعطلة من داخل شوارع الرباط، شيئا حتميا لا مفر منه إذا ما أرادت المجموعات أن تتقي شر التفرقة والإقصاء، خاصة وأن كل المؤشرات تدل على أن الدولة تستعد لتوجيه ضربات قاضية لها، سواء بتوزيع الوعود الوهمية لكل مجموعة بصيغة مختلفة أو بعرض بعض الصيغ الملغومة للتوظيف على المجموعات المرابطة وباختلاق أساليب وترويج خطابات ظاهرها تبني المقاربة الاجتماعية في معالجة الملف وباطنها مخططات أمنية لإضعاف وتفتيت وحدة الأطر العليا المعطلة المعتصمة بالرباط.
إذا كانت هناك بعض الأخطاء القاتلة التي شابت مسار هذه الحركة الاحتجاجية منذ نشأتها وعلى رأسها القبول بصيغة التسوية الأخيرة، قد جعلت الدولة تتجرأ على وحدتها وتجهر بنواياها التجزيئية، فإنه آن الأوان خلال الفترة الحالية لإعادة لم الشمل وترتيب الأوراق، بمنهج تدرجي ينتقل بهذه الحركة على مستوى التنسيق بين مكوناتها من البسيط إلى المركب، ومن إرساء الثوابت والأسس المتينة، إلى بناء هياكل وآليات تسيير أدق تنظيما وأكثر فعالية ، وهو ما يمكن أن يحققه وضع أرضية مستعجلة للتنسيق وصيغة ميثاق شرف تتعاقد على أساسه المجموعات المرابطة بشوارع العاصمة، يتم من خلالها تذويب بذور الاختلاف التي زرعتها الدولة في كيان هذه الحركة الاحتجاجية والاتفاق على نقاط وتوجهات عامة تكون بمثابة دستور يضبط نضالاتها ويوجه نقاشاتها ويوحد مواقفها في مواجهة الدولة، في أفق الهدف الكبير المتمثل في التأسيس لحركة احتجاجية موحدة تذوب في وحدتها الألوان والتواريخ وتتوحد فيها صيغ المخاطبة وآليات الضغط وتتقوى فيها قناعات التضحية، خدمة لمصلحة كل إطار عالي معطلة سواء من داخل المجموعات المعتصمة بالرباط الآن أو الذين يكابدون عناء الحصول على الشهادة العليا الجامعية من أجل الالتحاق بهذه الحركة بالرباط للمطالبة بالحق العادل والمشروع في الوظيفة العمومية.
هي دعوة إذن لجميع مجموعات الأطر العليا المعطلة المعتصمة بالرباط، للتفكير الجدي والمستعجل لتفعيل مضامين هذه المبادرة كنواة في الظرفية الحالية ثم كحركة مكتملة القوة والملامح مستقبلا، وكخطوة استباقية وقائية تحفظ هذا الحق من مخططات الدولة الملغومة للإجهاز عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق