مجموعة الصمود الأطر العليا في ذكرى الاستقلال

في كل ذكرى لعيد الاستقلال، تحضرني صور البطولات التي خاض غمارها أباء هذا الوطن ، صور المقاومة الباسلة التي خطت بمداد من دماء طاهرة في كتاب التاريخ أسطرا كل حرف فيها درس من دروس تمد يدها لتحرير المستقبل المخطوف، دروس لا يفقه مغزاها سياسيو اليوم، دروس ستبقى محفورة في جدار الزمن مهما امتدت الأيادي الملطخة بدماء الأبرياء لطمس معالمها فلن تستطيع إلى ذلك سبيلا، فهي محفورة في عمق ذاكرة شعب معاند ومكابر يحمل على أكتافه معانات تمتد إلى أكثر من سبعة آلاف سنة.

وأنا أستحضر هذه الصور المحملة بعبق التاريخ العميق وبآهات شعب يأبى أن يتخلى عن صموده الأبدي تشهد عليه جبال الريف والأطلس، أبحث في ثنايا الحاضر وفراغاته عن الامتداد، عن الأفق، عمن يرد تحية الآباء والأجداد، فلم أجد غير أولئك الشباب في شارع محمد الخامس في الرباط لهم من إرث الآباء والأجداد كرامة وشهامة وشجاعة ، وقد رسموا بها لوحة من ألوان ينحني أمامها كل فناني العالم، ألوان متعددة لكن يوحدها مسك أحمر اللون تنتزعه من أجسادهم الهزيلة أيادي قد تشل إن هي صافحتها لأنها وببساطة لم تعد تعرف للأحاسيس معنى.

خاض أبطال الأمس معركة تحرير الوطن، ويخوض أبطال اليوم من الأطر العليا المعطلة معركة من أجل كرامتهم وكرامة وطنهم، كيف لا وقد قدموا زهرات أعمارهم قربانا للعلم والمعرفة حتى يتسنى لهم خدمة وطنهم وتنميته والرفع من مستواه، سلكوا هذا المسلك فحوربوا كما أولائك، وضربوا كما أولائك، وسجنوا واعتقلوا ... ذلك كله هين من أجل حلم اسمه "الوظيفة" حلم تتعدى معانيه ما أريد لها أن تكون لتسع أفاق أسمى محملة بقيم وجودية بالمعنى الفلسفي للوجودية.

كل هذه القيم، وكل هذه المعاناة، وكل هذا العزم والتبات جسدته مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة ولونها الأخضر الرامز إلى الأرض في عز عنفوانها وعطائها بلا حساب وبلا مقابل، ترسل عبره المجموعة صور ورؤى تضيق بها عبارات المبدعين والكتاب صور جسدتها عجوز في خريف عمرها وهي تطل من شرفة المنزل ترفع أكفها للمولى والدموع تنزل على خديها حسرة وحزنا على أبنائها وهم صامدون يفترشون الأرض ويستقبلون هراوات رجال العنكري فوق رؤوسهم ، سلاحهم الوحيد هو كلمات هي بما تحمله من نغمات الحزن الممزوج بعنفوان الشباب المتوهج تتسرب إلى أعماق الإنسانية، فتدمع بها آلاف العيون من المارة حسرة وحزنا على مغرب اليوم.

ويستمر المشهد وتستمر معه معانات الأطر وتبقى رسالة مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة في ذكرى الاستقلال هي " أيا وطن...كن ما تريد أن تكون...ولكن كن لنا وطن "

عبد الله إدالكوس




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق