‼ سنـوات الخصـاص

اليوم و بعد مرور حوالي أكثر من نصف قرن٬ المغرب يخلد لذكرى توقيع معاهدة ″ الصداقة و المحبة ″ التي أبرمها مع الأجنبي٬ كنا و لا زلنا نتوق إلى تخليد استقلال حقيقي٬ استقلال يفتخر به كل مواطن مغربي بمغربيته٬ استقلال يصون كرامة الإنسان المغربي٬ ويتمتع فيه بحقه كمواطن منتج و فاعل لذاته و لمحيطه و لوطنه.
أظن - و ليس ظني هذا ضربا من الخيال- أن في داخل كل واحد منا 18 نوفمبر بشكل ما٬ و هذا ما أود الحديث عنه٬ لكنني لا أود تكرار الأحاديث المعادة من الكلام المثقوب... كالأحذية القديمة٬ التي تجتاح صحفنا و إعلامنا في هذه المناسبة٬ بل آمل أن ألتمس ما يشرح من طرائق تعاملنا مع ذكرى 18 نوفمبر.
و في هذا السياق يمكن القول إن نقطة البدء في تحديد أصول أزمة التنمية بالمغرب٬ و ما أكثر الأزمات التي تكاد لا تمر واحدة منها حتى تهل فاجعة جديدة. و ليس الهدف بالتأكيد تكرار جلد الذات أو تكرار توجيه قرارات الاتهام٬ بل أتوسم أن أفهم الآلية التي نتعامل بها مع الفواجع٬ و أبحث عن جذورها التاريخية - إن وجدت- لعلي أخرج باستنتاج مفيد.
فالجميع يعلم أو قد لا يعلم أنه بمجرد انتهاء الاستعمار المباشر على المغرب٬ برزت خطورة أكثر من قسوة الاستعمار الأجنبي نفسه٬ بظهور طبقة الأعيان٬ و البرجوازية التقليدية الكبيرة٬ التي تصدت لقيادة الكفاح من أجل الاستقلال السياسي٬ و التي تعاونت مع الاستعمار الفرنسي في سبيل الحفاظ على مواقعها كطبقة حاكمة متميزة. و كان همها الوحيد في الكفاح أن تحل محل الأجنبي٬ و تنشئ دولة تؤمن مصالحها٬ بحيث تنحصر - سرقة الأمة في أبناء أمة على حد تعبير فرانز فانون في مؤلفه معذبو الأرض- لا أن تبدل طبيعة الحكم٬ و لا أن تؤسس نظاما جديدا يكفل الحرية و المساواة للشعب٬ و يمكن الشعب من مواجهة التحديات التاريخية التي تعصف به٬ و في مقدمتها تحقيق تنمية اقتصادية و اجتماعية مستدامة.
فاستمرت الأوضاع على ما هي عليه٬ حتى بعد انتهاء الاستعمار المباشر. لقد فرضت هذه الطبقة الحاكمة نفسها على الشعب بمعونة الاستعمار. بإقامة دولة مبنية على التسلط و الإفقار. و بقد ما كان الشعب يقاومها٬ كانت تلجأ إلى الاستبداد٬ فنشأت حلقة مفرغة في العلاقة بين الشعب و السلطة. و هذه الحلقة المفرغة في نظرنا هي صميم الأزمة السياسية العامة. و لعل جل الأجيال المغربية من أبنا هذا الشعب الفاعلة حتى هذه اللحظة٬ حفرت فيها سياسات التفقير جروحا قد تكون اندملت٬ لكن ندوبها باقية لاتزال.
إن واقع حال المغرب اليوم ينطق بالعديد من المفارقات و الاختلالات٬ فالمجتمع المدني و معه الحركات الاحتجاجية أصبحت٬ بعد صراعات سياسية و معاناة أجيال بكاملها مع محنة الديمقراطية٬ تحن بشغف إلى القطيعة مع منظومة الرعية و رواسب النظام القديم. و في ذلك رؤية جديدة تؤمن بضرورة التخلص من الإرث الثقافي ذو الطابع التحكمي الذي لا يزال يعرقل المسار التنموي و السياسي و الفكري في المغرب. حيث أن النظام المخزني بقواعده العتيقة٬ و إن أصحت تبدو ظاهريا معصرنة٬ فإنها لازالت تكبح عجلة التغيير نحو مجتمع متماسك٬ حداثي٬ و بناء اقتصاد عصري تتوزع فيه مكاسب الرفاهية بشكل متكافئ و عادل بين أبناء الشعب.
من هنا يطرح السؤال التالي: ألا يفسر هذا التمزق بين المحافظة و الحداثة استمرار هشاشة الاقتصاد الوطني و اتساع رقعة العطالة خاصة في صفوف حاملي الشواهد العليا٬ و امتداد ظروف التشغيل السيئة٬ و انخفاض الأجور أمام ارتفاع معدلات المؤشر الاستدلالي للمعيشة٬ و تزايد مظاهر الزبونية و الارتشاء و المحسوبية٬ و تعرض ثروات البلاد و المال العمومي للنهب و الاختلاس و التبذير دون أدنى محاسبة تذكر‼

و الواقع أن المغرب لديه أكثر من مؤشر ليكون منشغلا بمعضلة الفقر و العطالة التي تجتاح مئات الأطر من حاملي الشواهد العليا من خيرة هذا البلد و التي لسان حالها يقول بصوت عالي و موحد و بشكل يكاد يكون يومي بأشهر شارع بقلب العاصمة لقد جئنا نناضل لانتزاع حقنا الفوري و الشامل للشغل بالوظيفة العمومية.
و استنادا على تقرير البنك الدولي الأخير٬ فإن مالا يقل عن خمس الساكنة المغربية لازال يعاني من الفقر. كما تفيد من جانب آخر المعطيات الإحصائية أن حوالي 10 ملايين من المغاربة لا يتعدى دخلهم الفردي 20 درهما يوميا٬ بل منهم حوالي 5 ملايين قد لا يتعدى عندهم معدل الدخل الفردي 10 دراهم يوميا. و تشير أيضا الإحصائيات إلى أن ⅛ أشخاص في المدن يعيش تحت عتبة الفقر. مقابل 3/1 في البوادي. كما أن ما يزيد عن مليون أسرة مغربية٬ أي حوالي 5,5 مليون نسمة مازالت تعيش في ظروف سكنية غير لائقة... و الواقع فإن على المرء أن يلاحظ عمق المخاطر السياسية و المآسي الاجتماعية التي تتخفى خلف هذه الأرقام٬ إنها مؤشرات معبرة عن شظف العيش.
و في ظل استمرار نظالاتها المشروعة فإن مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة تدعو السيد الوزير الأول بالرجوع إلى جادة الصواب بتفعيل القرارين الوزاريين رقم 695/99 و القرار رقم 888/99 القاضيين بالتوظيف الشامل و الفوري لحاملي الشواهد العليا المعطلة و تفعيل القرار القاضي بتخصيص نسبة % 10 من اجمالي المناصب المعلنة في مشروع المالية للأطر المعطلة بالرباط.

.....................................................ربيــــع 33 مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق