مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة تطفئ شمعتها الأولى أم ...... تشعلها ؟
الأسبوع الثاني من شهر يناير 2009، أسبوع له رمزيته لدى أعضاء مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة، في نفس هذا الأسبوع من السنة الفارطة توافد مجموعة من حاملي الشهادات العليا على مدينة الرباط، كلهم أمل في أن يكون صوتهم هناك أقرب إلى من يهمهم الأمر، كلهم أمل في تتويج مسيرة دراسية دامت حوالي عشرين سنة، بذلوا فيها الغالي والنفيس من أجل الحصول على تلك الشواهد، سمعوا أن هناك قرارا بالإدماج المباشر لكل حامل شهادة عليا، صدقوا أن في هذه البلاد مجموعة من الناس تسمى حكومة تهتم بشؤونهم وتجتهد في إيجاد مناصب شغل في الوظيفة العمومية تكافئهم بها على ما نالوه من شواهد، ذهبوا إلى مدينة الرباط وهو يستحضرون العبارات الكثيرة التي سمعوها في أقسام الدراسة، تلك الفصول والقوانين والمعاهدات التي تجعل الشغل من أسمى حقوق الإنسان، نعم، هكذا كان الاعتقاد السائد لدى هؤلاء الشباب، وضعوا ملفاتهم لدى وكالة تابعة لوزارة التشغيل، قالوا لهم إن مهمتها وضع قوائم لحاملي الشواهد العليا في أفق إدماجهم، إلى هذا الحد تبدو الأمور عادية وفي الاتجاه الصحيح، فما الذي حدث إذن؟.
بدأت المجموعة تتحرك في اتجاهات متعددة، لم يكن أعضائها يدركون أنهم دخلوا في متاهة لن يخرجهم منها إلا موت رحيم بزرواطة تتحرك بنوازع مرضية لأناس يرتدون ملابس خضراء وزرقاء، بدأ أعضاء مجموعة الصمود يوما بعد يوم يكتشفون مغربا آخر، اكتشفوا أنهم ليسوا في المكان الصحيح، اكتشفوا أن الوزير الذي كان يفرق عليهم الوعود تلو الأخرى في نشرات الأخبار مبشرا بمغرب جميل يتسع للجميع، اكتشفوا أنه لا يريدون أن يأتي إليه أحد، إلى مكتبه المكيف وينغص عيه حركة مروره الهادئة في سيارته الحكومية الفارهة في شوارع الرباط، والأدهى من ذلك اكتشفوا أنه ليس هناك لا شغل ولا هم يحزنون، قام أعضاء المجموعة بأشكال نضالية ومسيرات احتجاجية سلمية، لقيت ترحيبا كبيرا من طرف قوات الأمن، ليس بأكواب الشاي والحلويات، وإنما بعصي سوداء مزدوجة الرؤوس يتفننون في استعمالها، ويجتهدون في أن تأخذ اتجاهها نحو المكان الصحيح .....
نحو أنف يبحث عن نسيم من الكرامة التي افتقدها منذ أن وطئت قدماه أرض الرباط .....
نحو فم أصبح يهذي من فرط البطالة واليأس ......
نحو رأس يجاهد لأن يظل مرفوعا ورافضا للانحناء أمام تسلط وجبروت الواقع المرير ....
نحو ظهر تلقى طعنات كثيرة من الخلف، أثناء الطفولة وفي عز الشباب .......
نحو بطن بمعدة فارغة وأمعاء زرقاء من فرط تغذية لا يرضى بها حتى أصغر حيوان أليف تحتضنه حرم معالي وزير من وزراء البلاد السعيدة ........
نحو قدم تجوب شوارع الرباط بدون كلل، بحثا عن سكن أو وجبة هناك تمضي لصاحبها أحد أيامه الطويلة التي قضاها بصفر درهم وبدون مأوى هائما على وجهه ...........
نعم هكذا توالت الأيام على أعضاء مجموعة الصمود، وبين قمع هنا ورعب هناك وإصابات كثيرة وأمل في الخلاص من هذا الواقع المرير، مر عام كامل...
عام بقدر ما يختزله من معاناة بقدر ما ولد في أنفسهم عزيمة وإصرارا على نيل الحق المشروع في الشغل.
لقد ظن القائمون على الأمر أن سنة من النضال في شوارع الرباط قد نالت من صمودهم وعزيمتهم، لكن لسان حال أعضاء مجموعة الصمود، يقول ......
لقد تحول الخوف الذي كان يسكن أعماقنا إلى إيمان عميق بعدالة قضيتنا.......
لقد أصبح الألم في أطرافنا إلى شواهد راسخة على مقاومتنا وصمودنا أمام قمعكم ووحشيتكم في خنق أصواتنا ........
لقد تحولت شواهدنا العليا إلى أسلحة نقاوم بها هجومكم الغاشم على حقوقنا المشروعة في الشغل والعيش الكريم ......
إذا كان هناك من بديل للشغل أصبحنا نؤمن ونرحب به في أي وقت ليعوضنا عن عدم وفائكم بوعودكم تجاهنا، فهو....... الموت أمام البرلمان .
خلال هذا الأسبوع تكمل مجموعة الصمود للأطر العليا المعطلة سنة كاملة من النضال، لن نقول ستطفئ شمعتها الأولى، لكن الصحيح هو أن ستشعل شمعتها الأولى لتنير بها إلى جانب شموع كثيرة أخرى عتمة البطالة في هذه البلاد.
وإنه لنضال مستمر حتى نيل الحقوق المشروعة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق